اخبار الذهب

هل سيستمر الاتجاه الصعودي لأسعار الذهب؟

ارتفعت أسعار الذهب إلى أعلى مستوى لها في عام واحد في شهر مارس الماضي مخترقة حاجز 2000 دولار لأول مرة منذ أوائل عام 2022، حيث تسبب عدم استقرار السوق الناجم عن افلاس بنك سيليكون فالي وما نتج بعد ذلك من استحواذ بنك UBS على بنك كردي سويس في هز ثقة المستثمرين.

ما هي العوامل الرئيسية لأسعار الذهب؟

الذهب معدن ثمين نادر له تاريخ طويل، وهو سلعة شديدة التأثير في الاقتصاد العالمي، يتشكل سعر الذهب مباشر من خلال قوى العرض والطلب، يستخدمه بعض المستثمرين كأصل ملاذ آمن خلال فترات الركود أو فترات عدم اليقين أو كتحوط ضد التضخم.

تاريخياً، يعتبر ارتفاع التضخم شئ ايجابي لأسعار الذهب، حيث يهرب المستثمرون في تلك الفترات إلى الذهب كمخزن للقيمة في ظل ضعف القوة الشرائية للعملات الورقية، ومن ثم فإن السياسة النقدية التي تتخذها البنوك المركزية للسيطرة على مستويات التضخم تعتبر أساسية في دفع سعر الذهب.

كسلعة قابلة للتداول، فإن الذهب مقوم بالدولار الأمريكي مما يخلق علاقة عكسية مع الدولار، عندما يرتفع الدولار الأمريكي مقابل العملات الأخرى يصبح الذهب أكثر تكلفة مما يضر بالطلب، من ناحية أخرى، عندما ينخفض الدولار الأمريكي فإن هذا يعزز سعر الذهب حيث يصبح المعدن أرخص بالنسبة للمشترين في الخارج.

أسعار الذهب تعكس اتجاهها في أواخر عام 2022

في العام الماضي ارتفع الذهب بقوة مخترقًا حاجز 2000 دولار في فبراير على خلفية الحرب الروسية الأوكرانية حيث ساد القلق في الأسواق المالية، ولكن هذا الاتجاه الصعودي لم يدم لفترة طويلة، فسرعان ما اتجه الذهب إلى الأسفل وخسر أكثر من 20% من قيمته مع بداية شهر سبتمبر 2022 بسبب قوة الدولار الأمريكي ورفع البنك الاحتياطي الفيدرالي لسعر الفائدة بوتيرة كبيرة.

ومع ذلك في الأشهر الأخيرة من العام الماضي وبداية عام 2023 عكس الذهب اتجاهه وحقق مكاسب كبيرة، حيث سجل ارتفاعًا بنحو 14% من شهر نوفمبر 2022 إلى بداية فبراير 2023، بسبب اللهجة الأقل تشددًا من قبل البنك الاحتياطي الفيدرالي، بالإضافة إلى الطلب المتزايد من قبل العديد من البنوك المركزية واعادة فتح الصين لاقتصادها.

بعد انخفاض معتدل في أواخر فبراير، عاد الذهب للصعود مرة أخرى وتجاوز هذه المرة علامة 2000 دولار لأول مرة منذ أكثر من عام، حدث الارتفاع في أسعار الذهب وسط الاضطرابات في القطاع المصرفي الناتجة بعد انهيار بنك سيليكون فالي، مما أجبر المستثمرين على البحث عن أصول الملاذ الآمن.

أزمة البنوك ترفع سعر الذهب

كان انهيار بنك سيليكون فالي هو أبرز افلاس مصرفي منذ الأزمة المالية لعام 2008، كان البنك المتعثر مستثمرًا بشكل كبير في السندات الحكومية الأمريكية والتي انخفضت قيمتها وسط ارتفاع أسعار الفائدة، لتغطية عمليات سحب العملاء اضطر بنك سيليكون فالي إلى بيع السندات مما أدى إلى حدوث مشاكل في السيولة، حيث قام المزيد والمزيد من العملاء بسحب أموالهم بسبب مخاوف بشأن السيولة.

استمرت المشاكل في القطاع المصرفي حيث اعترف بنك كريدي سويس بوجود “نقاط ضعف جوهرية”، مما أدى إلى استحواذ منافسه بنك UBS عليه، وهو عرض أدى إلى تحول 17 مليار دولار من سندات كريدي سويس إلى عديمة القيمة، وقد تسبب هذا في مزيد من القلق في الأسواق، مما أضر بثقة المستثمرين في أسهم البنوك.

لاستعادة المعنويات، اتخذت العديد من البنوك المركزية بما في ذلك البنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي والبنك المركزي الأوروبي (ECB) وبنك إنجلترا (BoE) إجراءات مشتركة لضخ سيولة بالدولار الأمريكي في الأسواق، مرددًا الخطوات التي تم اتخاذها خلال الأزمة المالية لعام 2008.

بصرف النظر عن القطاع المصرفي، كانت رواية سوق الذهب مدفوعة بالآثار المتناقضة للتضخم المرتفع باستمرار والبنوك المركزية وخاصة البنك الاحتياطي الفيدرالي الذي رفع أسعار الفائدة لمحاربة ارتفاع التضخم.

تأثر سعر الذهب إلى حد كبير بالدولار الأمريكي الذي استفاد من تشديد السياسة النقدية، وصل مؤشر الدولار الذي يقيس أداء الدولار مقابل سلة من العملات الأخرى إلى ذروته عند 114.68 في أواخر سبتمبر 2022، لكنه تراجع منذ ذلك الحين بأكثر من 10% اعتبارًا من مارس 2023.

إلى جانب إضعاف الدولار الأمريكي، يمكن أن يشير تخفيف السياسة النقدية إلى أن النظام المصرفي أقل استقرارًا مما يدركه المستثمرون، سيوفر هذا دعمًا لأسعار الذهب حيث يسعى المستثمرون إلى الملاذات الآمنة.

زر الذهاب إلى الأعلى