اخبار الذهب

الاقتصادات الناشئة تحت ضغط قوة الدولار ورفع أسعار الفائدة الأمريكية

الاقتصادات الناشئة تحت ضغط قوة الدولار ورفع أسعار الفائدة الأمريكية

لقد أدت الأزمة المالية الجارية فى تركيا إلى عدم استقرار الأسواق المالية وانتشار المخاوف من تأثيرها على الأسواق الناشئة الأخرى، الأمر الذى أثار أسئلة كثيرة حول التأثيرات المحتملة لهذه الأزمة العنيفة.

كانت الأزمة المالية التركية متوقعة منذ بعض الوقت، حيث أن المخاوف تزايدت بشأن اعتماد البلاد على العملات الأجنبية من أجل الحفاظ على تحرك اقتصادها خلال عام 2018، وعلى الرغم من انهيار الليرة التركيه بشكل حاد في سوق تداول العملات إلا أن هذه الأمر لم يكن مفاجئًا.

مع واحدة من أكبر الدول عجزا فى الحساب الجارى فى العالم خاضت البنوك والشركات الكبرى فى تركيا معركة ضد هذه الفجوة من خلال الاقتراض بكثافة فى العملات الأجنبية للحفاظ على النشاط الاقتصادى، ولكن مع تزايد المخاوف من السياسات الاقتصادية التركية فى ظل قيادة الرئيس  “رجب طيب أردوغان” تعرض هذا الدين لضغط شديد وتباطأ الاستثمار الأجنبى بشكل كبير فى البلاد وانهارت الليرة التركية بشكل سريع.

وقد أثار الوضع التركى تساؤلات عديدة حول حالة الاقتصادات الناشئة الأخرى ذات المستويات العالمية من الديون بالعملات الأجنبية، وعلى الرغم أن الليرة التركيه استجمعت قواها بعض الشئ إلا أن عملات الاقتصادات الناشئة الأخرى قد تراجعت منذ اندلاع فوضى العمله التركية.

وتعرضت الروبية الهندية لموجة بيع حادة لتصل إلى مستوى قياسى منخفض عند 70 مقابل الدولار الأمريكى، كما تعرض الراند عملة جنوب أفريقيا والبيزو الأرجنتينى لعمليات بيعية كبيرة.

وفى نفس السياق قام البنك المركزى الإندونيسى برفع أسعار الفائدة فى محاولة لوقف هبوط الروبية الإندونيسية التى سجلت أدنى مستوياتها فى ثلاث سنوات، فى حين هبط اليوان الصينى لأدنى مستوياته فى 15 شهر أمام الدولار الأمريكى.

والسؤال الذى يطرحه الكثيرون لماذا كل هذه الدول المختلفة من مختلف القارات وحالات اقتصادية مختلفة كلها تعانى من نفس الأعراض؟

الاجابة مختصرة هى عدم اليقين بشأن الاقتصاد العالمى الذى أحدثته الإدارة الاقتصادية للولايات المتحدة.

فى البداية نجد أن الاقتصاد الأمريكى ينمو بسرعة كبيرة فى الوقت الحالى بعد ضغوط التخفيضات الضريبية التى مررها الكونغرس الأمريكى فى العام الماضى، كما اتخذ الرئيس الأمريكى “دونالد ترامب” الكثير من الاجراءات الروتينية، وهذا أدى إلى بلوغ أسواق الأسهم الأمريكية أعلى مستوياتها، وفى الوقت نفسه بدأ البنك الاحتياطى الفيدرالى فى سياسة الرفع التدريجى لأسعار الفائدة بعد عقد من الاحتفاظ به عند أدنى مستوى ممكن.

وقد اجتذبت قوة الأسواق الأمريكية مقترنة بزيادة أسعار الفائدة المستثمرين الذين كانوا يملكون أموالهم فى الأسواق الناشئة ذات النمو الأعلى، وقد أدى تدفق الأموال للاستثمار فى الولايات المتحدة بدوره إلى زيادة قيمة الدولار الأمريكى مما جعل الولايات المتحدة من أكثر الوجهات جاذبية للمستثمرين.

إضافة إلى هذه العوامل عدم التيقن من الحرب التجارة حيث تضع الولايات المتحدة التعريفات الجمركية على السلع الأجنبية مع تقارير أخيرة تشير إلى احتمالية وصول الرسوم الجمركية إلى 200 مليار دولار فقط على الواردات الصينية، الأمر الذى ينتج عنه حرب تجارية ومن المرجح أن الأسوق الصغيرة ستتأثر بذلك وهذا سيشجع المستثمرين للبحث عن أماكن أخرى أكثر أمانًا لوضع أموالهم وخاصة الولايات المتحدة.

ومع ذلك فإن شبح الديون بالعملات الأجنبية فى مختلف الاقتصادات الناشئة لا يزال يلوح فى الأفق بغض النظر عن الطريقة التى تلعب بها، إن الشئ الوحيد المشترك فى هذه الاقتصادات هو الاعتماد غير المتناسب على التمويل الأجنبى لسد العجز التجارى والعجز الحكومى.

زر الذهاب إلى الأعلى